taswwg

مدونة متخصصة | في مجال التسويق الرقمي | وجميع مجالاته الأفلييت ماركتنج , الدروبشيبنج , التجارة الإلكترونية.

LightBlog

اخبار عاجلة

رمضانيات ( 5 ) بين يد القتل المبسوطة ويد الخير المقبوضة :

🖋 زهير برك الهويمل

    قال تعالى : « لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ »  ( المائدة:28).

     هكذا يصنع الحسد إذا ملأ قلب صاحبه يمتدّ شرُّه ليطال أقرب الناس ومنهم الأخ, لمّا تقبّل الله قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل, امتلأ جوف الأخير غلّا وحسدا, بلغ حدّ القتل.

   وهكذا نصح يعقوب عليه السلام ابنه يوسف بعد أن قصّ عليه رؤياه الشهيرة, قائلا: « يابُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ » ( يوسف:5).

    فالحسد قارٌّ في تعاليم عقيدتنا, وقد يتجاوز قرب مصدره ليصل إلى الإنسان نفسه, أن يحسد ماله, لعلّه لذلك أمر الله صاحب الجنة ٌ قائلا : " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله " ولنقف مليٌّا عند كاف المخاطَب الذي أضيفت إليه الجنّة في قوله : ( جنتكَ ), الذي يفيد التمليك للمخاطَب, فكيف بجنة غيره بالتأكيد يكون ظنّ الحسد أوقع.

   إذن فالحسد حقٌّ, ولكن ليس معنى ذلك أن يعزو الإنسانُ كلَّ طارئ عابر يصيبه للحسد, حتى أصبح المرء يخاف من الحسد أكثر من إنجازه أعمالا يُحسد عليها في الأساس.

وبالعودة إلى الآية ترسم المواجهة الأولى لقطبي الخير والشر من بني البشر, تستوقفنا لغة السياق في تركيبها عند تركيبين متقابلين  :

« لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ »

( بسطتَ إليَّ يدك ) ↔ ( بباسط يدي إليك ), هاتان الصورتان المتقابلتان تجسّدان يدين إحداهما ممدودة للقتل, ( الأولى ), وأخرى مكفوفة عنه ( الأخيرة ), وحين نتأمل تركيبي الصورتين نلحظ بونًا في ترتيب اليد القاتلة واليد غير القاتلة, فتقدّم شبه الجملة على اليد المبسوطة للقتل ( إليَّ يدَك ) الأمر الذي يعمل على إطالة هذه اليد ووصولها للمقتول لا محالة, على خلاف ترتيب سياق الصورة الأخرى ( يديَ إليك ) تأخر شبه الجملة عن الوصول للمخاطَب, في بيان يرسم عدم الرغبة في القتل, واستمرار حال عدم الرغبة الذي يغذيه الالتفات عن الفعل الماضي ( بسطتَ ) إلى اسم الفاعل ( بباسط ) ومنه امتداد الأخوّة لا القتل من الطرف الصالح هابيل, على نقيض الطرف الآخر, فطالت اليد القاتلة حتى بلغت المقتول, لكنّ يد القتل هذه قصرت لدى الطرف الصالح بالنفي أولا): ما أنا ), وباستمرار قصورها بصيغة اسم الفاعل: ( بباسط ), هذه الدلالة وإن صرّح بها سياق النص إلا إنّ النظم جاء مجسّدا لها, في ملمحٍ بديع يبيّن مدى التماهي بين الشكل والمضمون فلا ثمة شكلا, ولا مضمونا بل هنا مضمون يتشكّل.

شبكة.الغرف.برس.الاعلامية.tt