كتبه / 🖋 زهير الهويمل
ينتظره الصغار قبل الكبار , منذ حلول شهر شعبان , مستبشرين بمقدمه , كيف لا وهو الذي تتغير فيه الحياة بأنماطها , وعاداتها و طقوسها وعباداتها , فيضحي النهار فيه ليلا والليل نهارا , وتتغير مواعيد الطعام فيه , كما تتعدد أصنافه , وتتلون أطباقه وتتنافس في إخراجها المتنافسات , فتتشهّاها الأنفسُ بعد عناء يوم من الظمأ والعطش , وتتغير فيه مواعيد الصلوات والعبادات .
كما ينشطُ التواصل الاجتماعي , والألعاب الرياضية , والاجتماعية المسلية , وتهدأ أجساد ذوي الأعمال العضلية الشاقة من إجهادها , وتنشط المسابقات الفكرية والثقافية , ويُسوّق فيه جديد الدراما العربية وغير العربية , فيتغير المسار الوقتي بحيث يبدأ النشاط من أذان المغرب, وتدبّ الحركة والحياة عبادةً وعملا .
هنا يمكننا التساؤل هل ما يُشغف قلوبَ صغارِنا قبل قلوبنا بمقدم رمضان , تغييرُ نمط الحياة وكسرُ طابع الرتابة , إلى نمط مغايرٍ حُبا في التجديد ؟؟!!
آنئذٍ نكون قد انجررنا إلى رمضان , برغبة مفرغةٍ من الجانب الروحي , ذلك الجانب الذي يُحييه فينا نهار رمضان بالعطش والجوع , والبعد الشهواني , فيضعف فينا الجانب المادي الحيواني وينشط الجانب الروحي , فنكون مهيئين للانقياد التام , والطاعة التامة لأوامر الله و رسوله صلوات الله وسلامه عليه , والإكثار من القربات التي تقربنا إلى الله زلفى , والابتعاد عن المعصية و وتزكية النفس ,من كل شوائب مادّيات الدنيا التي تركناها وراء ظهورنا عند صيامنا , حينها يكون صيامنا ذا منبع روحانيٍ سامٍ عن كل مادّيات وشهوات الجسد المتروكة به , فيطغى روح الجسد في الصيام على مادّيته , لا سيما مع تغليل مردة الشياطين .
في الأخير حتى لا نكون مجحفين , نتساءل ألا يمكننا الجمع بين رمضان المادي بشهواته , ورمضان السامي بروحانيته ؟! , إذْ لا غنى لنا عنهما , نقول في الأخير لمن ابتغى من رمضان شهوته التغييرية في أنماط الحياة شتى , علّم أبناءك قبل نفسك أن ثمة جوانب روحانية يمكن الاشتياق لها أيضا مثل : لذة انتظار الإفطار , ولذة الصحيان للسحور , ولذة التنافس في ختم القرآن , ولذة الاصطفاف في صفوف التراويح , ولذة مباهاة الصغار بعضهم بعضا في أيّهم استطاع أن يصوم نهارا أو نصفه أو زاد عليه , شيئا قليلا .
أما من فوّت على نفسه الجمع بين شهوة رمضان وروحانيته , فإنه سيندم يوم عيد فطره , ولن يذوق له حلاوةً , ولا استمتاعا , لأن العيد كذلك مثلما , يصحبه الذبح ( مادي ) يصحبه التكبير ( روحاني ) , فطوبى لمن فاز في رمضان بشقّيه.