
بقلم ✒ أ. هـود سـالمين عبيـد
مقدمة :
مطلع عام 1941م ابّان الحرب العالمية الثانية بدأت المجاعة تجتاح عدد من الوديان الحضرمية، ولم ينتصف عام 1943م إلا وانتشرت المجاعة في جميع مناطق وادي حضرموت كافة ، نتيجة موجة الجفاف الذي عمّ حضرموت بسبب انقطاع الإمطار مدة ثلاث سنوات . وانقطاع التحويلات المالية من المهاجرين الحضارمة ، حيث يعيش قطاع كبير من السكان على هذه التحويلات. فقد انقطعت التحويلات المالية من شرقي إفريقيا بعد إعلان إيطاليا الحرب على الحلفاء في يونيو 1940م ، وانقطعت التحويلات من جنوبي شرقي آسيا بعد اجتياحها من قبل اليابان من ديسمبر 1941 إلى مارس 1942م فقد واجه الحضارمة هذه الظروف الصعبة مواجهة صعبة استمرت بين عامي 1941 – 1945م ،و راح ضحيتها نحو عشرين ألفا. وتمت مواجهتها على الأصعدة كافة: شعبياً، ورسمياً من قبل حكومتي حضرموت القعيطية والكثيرية ومن قبل السلطة البريطانية.
المجاعة ودور الغرف الاغاثي :
الحديث عن المجاعة في منطقة الغرف حديث ذو شجون ، فقد كانت منطقة الغرف بمثابة الملجأ الآمن للاهالي من باقي مناطق وادي حضرموت الهاربين من شبح الجوع ، فبالاضافة الى الملجأ الذي تشرف عليه بريطانيا وموظفيها منهم الاردني عبدالله سليمان ، والسعودي حسن شيبة ومحمد علي المقيني وبعثة الإداريين من اهالي الغرف فقد انشأت الحكومة البريطانية فرقاً من المزارعين وقامت بتوزيعهم للقيام بمهمة (السناوة) بأيديهم على اقدامهم وتسمى((سناوة شرعاه)) ، وكان يشرف على هذه الفرق كلاً من صالح بن يماني بلهيج و عوض عبيد داناه باسواد يديرون ويشرفون على المزارعين ، وتقدم لهم الدولة البذور ، وعليهم وقت الحصاد اخذ نصيبهم من المحصول ، والباقي للحكومة ، حيث يتم انقاذ النساء والأطفال بوجبة (( الشربة )) كل ليلة ، اما الرجال فعليهم العمل اما في الزراعة او في غير ذلك للبحث عما يسد رمقهم .
فتوافد كثير من الناس من خارج منطقة الغرف بحثاً عن الاكل لسد رمقهم ، ففي مسيلة ال شيخ جاء معظهم سكانها من مناطق مجاورة مثل السويري واستقروا بها ، ومن الأسر التي جاءت الى الغرف آل جشّاش ، وآل باطاهر ، وآل بن ذياب ، وآل الكاف وآل باحميد وبيوتهم معروفة الى اليوم ، فقد بنى آل كثير قصراً لهم هو بيت السيد ابوبكر بن شيخ بن يحيى ، وبلغ الامر ذروته عندما بدأت طائرات الإغاثة البريطانية تلقي بأكياس القمح من على انخفاض قريب بحكم عدم تواجد مطار في تلك الفترة فكانت تحلق في سماء المنطقة وتلقي المعونات الغذائية فيلتقفها المواطنون ، وكل من يلتقط شيئًا من هذه الاكياس يقوم بتسليمه لمستودعات الحكومة في بيت آل شامي ، وهناك اشخاص مهمتهم طبخ وجبة الشربة ، وتصطف النسوة والاطفال عند المغرب لأخذ نصيبهم من الشربة ، اما اللاجئون فكانوا يتساقطون واحدا تلوا الاخر في الشوارع اثناء قدومهم الى الغرف ، فيقوم ملاك النخيل بانقاذهم بحبات من التمر ، فيحيا البعض ويموت آخرون ، فيغسّل الموتى منهم في منزحة شاميّة ، وقد يصل عدد المتوفين في اليوم الواحد الى ستة اموات ، فقد اثّرت الحرب كثيرًا خصوصاً في المناطق التي لا توجد بها زراعة ، اما ملاك النخيل في ذلك الوقت فهم سادة في ذلك الوقت ، ولهذا زرعت في المسيلة ألاف من النخيل واتجه الناس لشراء غرسات النخيل ولم يشتروا الاراضي ، لان وجبة التمر هي المنقذ من الجوع والموت ، فكان الناس الى وقت قريب من يفقد نخلته اما بسبب السيل او ماتت عليه فإنه يبكي عليها لانها مثل ولده وانقذته ايام المجاعة من الموت ، وكانت المسيلة بها ألاف النخيل ثم رحلت مع من غرسها…
انتظرونا في الحلقة القادمة ان شاء الله
شبكة.الغرف.برس.الاعلامية.tt