taswwg

مدونة متخصصة | في مجال التسويق الرقمي | وجميع مجالاته الأفلييت ماركتنج , الدروبشيبنج , التجارة الإلكترونية.

LightBlog

اخبار عاجلة

( الذباب ُوالنحل ُ) قراءة في التغاير الثقافي:


✒ بقلم: أ/ياسر سعيد مسلّم.

ثَمّة آيتان في كتاب الله تحتاجان إلى تفكير عميق، الأولى قوله تعالى: ( ياأيُّها الناس ُضُرِب َمثل ٌفاستمِعُوا لهُ إنّ الذين تدعُون َمن ْدون ِالله لن ْيَخلقوا ذُبابا ًولو اجتمعُوا لهُ وإنْ يسْلبُهم ُالذباب ُشيئا ًلا يسْتنقِذوه ُمِنه ُضعُف َالطالبُ والمطلوب). الحج :73. والثانية قوله تعالى في سياق الحديث عن النحل، واصفا ًتلك الحشرة بقوله: [ يَخْرُج ُمِن ْبُطُونِها شراب ٌمختلف ٌألوانه ُفيه شفاء ٌ للناس إن ّفِي ذلك َلآيات ٍلِقومٍ يتفكّرون]. النحل: 69.

فالذباب لا يُذكر إلا وتتبادر إلى ذهن المتلقّي صفات سلبية سيئة، أهمها: 


( الضعف، الدناءة، الأنانية، العمل الفردي، التكشّف ... ). لكن توجد صفة مثّلت ثقافة اتّسم بها هذا الجنس من الحشرات، آثر القرآن الكريم ذكرها، وهي صفة ( السَّلْب ). وتَميُّز هذه الصفة عن غيرها من الصفات المذكورة سلفًا يكمن في شيئين: 

1/ كل الصفات الأخرى التي يتميز بها الذباب عن غيره، هي صفات تخصه هو، وفعله اليومي، أما هذه الصفة فتبيّن العلاقة بينه وبين غيره، التي منشؤها الإضرار. 

2/ خصوصية السلب؛ وذلك في عدم القدرة على استرجاع الشيء المسلوب! وعليه فقد نتج عن هذه الثقافة السيئة ثقافة أسوأ منها، وهي: تغيير معالم الشيء المسلوب حتى يفقد صفاته التي عُرف بها، فيتنكّر على صاحبه لتغيُّر صفاته، والأدهى من ذلك: تحويل ملكيّة الشيء المسلوب إلى غير صاحبه !! ومن هنا أتى التركيز القرآني على هذه الصفة دون غيرها. 

أمّا في الطرف المقابل فقد تحدث القرآن الكريم عن حياة حشرة أخرى على النقيض تمامًا من الذباب، وهي ( النحل )، فلا تُذكر هذه الحشرة إلا وتتبادر إلى الذهن صفات طيبة، حسنة، أهمها:


( التعاون، النشاط، العمل الجماعي، النظام، الستر… ). ولكن توجد صفة مثّلت ثقافة اتّسم بها هذا الجنس من الحشرات، ألمح إليها القرأن الكريم، وهي صفة (الإعطاء). يظهر ذلك في التمعّن في التركيب القرآني الذي ورد في هذا السياق، كقوله: 

-[ يخرج من بطونها ]: فالخروج حركة إلى الخارج، و المخروج هنا مخالف تماما ًللمخروج المعهود من البطون الذي يكون مستقذرا ً، فهو هنا ( شراب ) ذو ألوان شتى، حمل صفة (اللذّة) بدلاً من صفة (القذارة). 

- وقوله [ فيه شفاء للناس ]: موصوف، وصفة، ومنتفع بهذه الصفة؛ الموصوف هو المخروج ( العسل) الذي يعود الضمير الهاء عليه في قوله (فيه)، والصفة: ( شفاء)، والمنتفع بهذ الصفة ( الناس) وهنا يتجلّى شيئان: 

- العطاء الجيد الصفات "العسل النافع".
- الإعطاء، الذي يتمثّل في انتفاع الغير بالشيء الخاص، فكأن هذه الحشرة خُلقت لغيرها!! وفي هذا قتل ٌللأنانية، وإشاعة ٌلروح التعاون والتفاني في خدمة الآخرين. 

كما أن ّالفاصلة القرآنية أتت هنا آية ًفي البلاغة و الجمال؛ فمثل هذه الصفة جديرة بالتفكّر، والوقوف، وإعمال العقل. 

هذا الاختلاف في التغاير الثقافي بين هاتين الحشرتين بيّنه حديث صحيح، صححه الألباني في صحيح الجامع، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلّم: 
( الذباب ُكلّه ُفي النار إلا النحل ).
الجنس العام: الذباب »» السلْب.
الجنس الخاص: النحل »» الإعطاء. 

السّلْب: 
أخْذ ٌ» »حركة إلى الداخل» » إعتداء/ أنانية = النار. 
الإعطاء:
بذْل ٌ» » حركة إلى الخارج » » تعاون/ إيثار = الجنة.