taswwg

مدونة متخصصة | في مجال التسويق الرقمي | وجميع مجالاته الأفلييت ماركتنج , الدروبشيبنج , التجارة الإلكترونية.

LightBlog

اخبار عاجلة

📌 ورحل شيخ ُالمؤذّنين!! ✒ بقلم: ياسر سعيد مسلّم.



بعد مغيب شمس يوم التروية فُجع الناس بخبر ٍصادم، فقد فاضت روح شيخ المؤذنين في منطقتنا، وصعدت إلى بارئها. كل من سمع ذلك الخبر تجمّد في مكانه، وكذّب ماسمعت أذناه، ليس ذلك اعتراضا ًعلى أمر الله، فكلّ نفس مآلها للموت، ولكن لمكانة هذا الشيخ الجليل في قلوب الجميع رجالا ًونساء، بل حتى الصغار فجعوا بذلك، كيف لا وقد شنّف ذلكم الشيخ مسامع الجميع بصوت الحق الذي يصدح به كل يوم خمس مرات. إنه المؤذن أبو صالح - رحمة الله تغشاه - غاب صوته عن المنائر شهرا ًأو يزيد، حيث لازم هذا الشيخ بيته، فانهال عليه الزائرون كبارا ًوصغارا ًيواسونه، ولكنه كان ثابتا راسخا،ً صابرا ً، يذكّرك بالله قبل أن تذكّره، كأنّه بفراسته قد علم أن ّهذا المرض هو مرض موته؛ فلطالما تفقّد، وسأل، وأوصى. وأعجب من ذلك أنّ قلبه متعلق بمسجده، شغوف بلقاء رفقاء الصلاة والصف الأول، يسألك عنهم فردا ًفردا.

الله أكبر، إنه الرجل إذا تعلّق قلبه بالمساجد . 

تعجبك في هذا الشيخ صفات تجعلك تتصاغر نفسك أمامه، أهمّها:

التبكير إلى المسجد قبل الأذان بوقت طويل، وهذا دأبه حتى في يوم العيد، وليالي الشتاء الباردة!! وكذا ملازمة مصحفه ذي الخط العريض قبل كل صلاة، وكذا التجمّل قبل الذهاب لبيت الله، فروائح الطيب لاتفارقه عليه رحمة الله حتى في صلاة الفجر !! بل وعلى سرير مرضه طيبه عند رأسه!! 

أما زيارة المرضى والمقعدين في البيوت فهذا من أجلّ اهتماماته؛ لذا تجد هؤلاء المرضى ممنونين منه. 

لي معه جلسات عديدة، منها مايخص الحديث عن التراث، والفوارق بين نمط الحياة الماضية والحالية، ومنها مايخص علاقات النسب بين أهل منطقتنا، فقد كان ملمّا ًبذلك. وقد أوصاني في بعض جلساته بأن أحفظ عهد الصلة و التزاور بيني وبين أولاده، وإخوانه وأولادههم، وجمعني ببعضهم مرّة ليوضح لهم جهة القرابة بيننا التي كادت أن تندثر؛ لتقادم عهدها. 

من ضمن هذه اللقاءات التي جمعتني به - وهي شيّقة ٌ وكثيرة - لقاء سريع كان في رمضان المنصرم، بين أذان المغرب وإقامة الصلاة، إذ قلت له متعجبا ًمن حاله: 

لم أرك في حياتي كلها بعيدا ً عن الإمام في الصف الأول، أو فاتتك ركعة وقمت مسبوقا ً لقضائها !!

فقال لي كلمات مازالت ترن ّفي أذني إلى هذه اللحظة، حيث قال: 

ما ينبغي لإنسان من ّالله عليه وبلّغه هذا العمر، ثم يأتي وقد فاتته تكبيرة الإحرام أو فاتته بعض ركعات الصلاة.

ثم قال: 

من تأخر عن الصلاة يوما ًتعوّد على ذلك، فتجده كل يوم مع المتأخرين.




يالله !! ما أبلغه من درس. 

أين المتخلفون، والمتأخرون، والمتشاغلون عن صلاة الجماعة ؟

حقيقة ً يُعد هذا الشيخ مدرسة لمكارم الأخلاق، فقد وفّقه الله عز وجل لكثير من الأعمال الحسنة، جاء في الحديث الصحيح: خير الناس من طال عمره وحسُن عمله.

فقد كان له جدول أسبوعي حافل بالعطاء والخير، فيه زيارة للمرضى، والمقعدين، ومن لم يستطع الوصول إليهم سأل أقاربهم عنهم. وفي جدول أعماله الأسبوعي صيام الإثنين والخميس، وزيارة المقابر، كل تلك الأعمال الحسنة يتقرب إلى الله بها كل أسبوع !!

الحقيقة أن موته قد ترك فراغا ًكبيرا ًفي قلوب محبّيه، ومازال الناس يذكرون محاسنه ويترحّمون عليه، بل وتدمع أعينهم عند ذكر مآثره. ويكفيه شرفا ًأنه مات في خير أيام الدنيا، في ليلة الإثنين، وهي ليلة عرفة، هذه الليلة التي يتأهب الناس فيها لصيام يوم عرفة، ويتأهب الحجيج للوقوف في جبل عرفات الطاهر؛ ليناجوا ربهم، ترجّل هذا الفارس عن جواده، وحزم متاعه، راحلا ًعن هذه الدنيا، من غير رجعة، مشتاقا ًللقاء الله. 

طيّب الله ثراك أيُّها الشيخ الوقور، فمازالت صورتك، وتفاصيل حياتك مرسومة في أذهاننا، عصاك التي تتكئ عليها، وسراجك الذي ينير لك ظلمة الفجر سيشهدان لك عند الله تعالى. 

أقول لأولاده وأقاربه: أبشروا بالخير، فإن ّممّا يسلّيكم في مصابكم الجلل ثناء الناس على فقيدكم بالخير بعد موته، كيف لا والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن المسلمين شهداء الله في أرضه، جاء في الحديث الصحيح عن أنسٍ رضي الله عنه قال: 




مرُّوا بِجَنازةٍ فأَثنوا عليها خيرًا فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: [ وَجَبَت ْ]. ثُمَّ مرُّوا بِأُخرى، فَأثْنوا عَلَيها شَرًّا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ وَجَبَتْ ]. فَقَالَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: مَا وَجَبَت؟ فَقَالَ:

[ هَذَا أثنيتم عليه خيرًا، فوجَبتْ لَهُ الجَنَّةُ، وهَذَا أثْنيتم عليهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّار، أنتم شهدَاءُ الله في الأرض].




فانطلاق الألسنة بالثناء الحسن من المؤمنين علامة على صلاح العبد، وانطلاق الألسنة بالثناء القبيح علامة على فساده.

أسأل المولى جل ّفي علاه أن يتغمّده بواسع رحمته، ويسكنه في عليين، مع النبيين والصدّيقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. 

أبا صالح إن ّالقلب ليحزن، وإن ّ ّالعين لتدمع، وإنّا على فراقك لمحزونون.




ولكن لانقول إلا مايرضي ربّنا: 




إنا لله وإنا إليه راجعون.







شبكة الغرف برس الاعلامية 🔷